الكتاب : أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم
المؤلف : المقدسي البشاري
وأما النيل فمخرجه من بلد النوبة ثم يشق إقليم مصر فيتشعب خلف الفسطاط، فنهر يفيض بالإسكندرية ونهر بدمياط. وذكر الجيهاني انه يخرج من جبل القمر ثم ينصب في بحيرتين خلف خط الاستواء ويطيف بأرض النوبة. وقال غيره لا يعرف له أول ولا يدري أحد من أين يقبل. وحدثنا أبو الحسن الخليل بن الحسن السرخسي بنيسابور. قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد القنطري. قال: حدثنا المأمون بن احمد السلمي. قال: حدثنا محمد بن خلف. قال: اخبرنا أبو صالح كاتب الليث بن سعد عن الليث. قال: ذكروا والله اعلم إنه كان رجل من بني العيص يقال له حائذ بن أبي شالوم بن العيص وإنه خرج هارباً من ملك من ملوكهم حتى دخل ارض مصر فأقام بها سنين، فلما رأى عجائب نيلها وما يأتي به جعل الله على نفسه أن لا يفارق ساحلها حتى يبلغ منتهاه من حيث يخرج أو يموت قبل ذلك فسار حتى انتهى إلى بحر اخضر فنظر إلى النيل يشق البحر قال المقدسي هذا البحر هو المحيط. قال: فصعد على البحر فإذا هو برجل قائم يصلي تحت شجرة تفاح فلما رآه استأنس إليه وسلم عليه. فسأله من أنت. قال: حائذ بن أبي شالوم بن العيص بن إسحاق صلعم. فمن أنت. قال: أنا عمران بن العيص بن إسحاق عم. قال: فما الذي جاء بك يا عمران. قال: جاء بي الذي جاء بك حتى انتهيت إلى هذا الموضع فأوحى الله تعالى إلى أن قف في هذا الموضع حتى يأتيك أمري. قال: فقال له يا عمران اخبرني عن النيل. فقال: لست بمخبرك دون أن تفعل ما أسألك. قال: وما ذاك. قال: إذا رجعت إلي وأنا حي أقمت عندي حتى يوحي الله إلي بأمر أو يتوفاني فتدفنني. قال: ذاك لك. قال: له سر كما أنت على هذا البحر فإنك ستأتي دابة مقاربة للشمس إذا طلعت اهوت إليها لتبتلعها فلا يهولنك آمرها فاركبها فإنها تذهب بك إلى جانب البحر، فسر عليه راجعاً حتى تنتهي إلى النيل، فسر عليه فإنك ستبلغ أرضاً من حديد جبالها وشجرها وسهولها من ارض ذهب، إلى أن تنتهي وإذا بقبة من ذهب فيها ينتهي إليك علم النيل. فسار حتى بلغ القبة فإذا ماء ينحدر من السور إلى القبة ثم يفترق في الأبواب الأربعة. فأما ثلاثة فتغيض في الأرض وأما واحد فيشق على وجه الأرض وهو النيل. فشرب منه واستراح أهوى إلى السور ليصعد فأتاه ملك، فقال له: يا حائذ قف مكانك فقد انتهى إليك علم النيل، وهذه الجنة وذكر الحديث بطوله.
وأما جيحون فإن ابتداءه من بلاد وخان يمد إلى الختل ثم يتسع ويعظم ويقع إليه ستة انهار: نهر هلبك ثم نهر بربان ثم نهر فارغر ثم نهر انديجاراغ ثم نهر وخشاب وهو اعمقهن ثم يلقاه نهر القواديان ثم انهار الصغانيان كل ذلك من جانب هيطل ينحدر متبحرا إلى خوارزم فيقر في بحيرة مرة وقد سقى عدة من المدن مع مدن خوارزم كلها شرقاً وغرباً.
وأما نهر الشاش فإنه يخرج عن يمين بلد الترك ويمد إلى بحيرة خوارزم أيضاً وهو يقارب جيحون في العظم إلا أنه شبه الميت.
وأما سيحان وجيحان وبردان فأنهن. انهار طرسوس وأذنة والمصيصة، يخرجن من بلد الروم ثم يفضن في البحر. وكذاك سائر انهار الشام آلا نهر بردى والأردن فإنهما يفيضان في البحيرة المقلوبة. وبردى يتفجر من جبال فوق دمشق، ويشق القصبة ويسعي الكورة ثم ينقسم فضلته فبعض يتبحر في اقصى الكورة وبعض ينحدر إلى الاردن.
وأما نهر مهران فإنه يخرج من الهند ثم يفيض في بحر الصين بعد ما يلقاه عدة انهار في الأقاليم وطعم مائه ولونه وزيادته وكون التماسيح فيه كالنيل.
وأما نهر الرس والملك والكر فأنهن يخرجن من بلاد الروم فيسقين إقليم الرحاب ثم يفضن في بحيرة الخزر.
وأما انهار الاهواز فإنها عدة انهار تنحدر على الإقليم من الجبال ثم تجتمع بحصن مهدي وتفيض في بحر الصين عند عبادان. ووجدت في كتاب بالبصرة أربعة انهار من الجنة في الدنيا: النيل وجيحون والفرات والرس. وأربعة من انهار النار: الزبداني والكر وسنجة والسم
المؤلف : المقدسي البشاري
وأما النيل فمخرجه من بلد النوبة ثم يشق إقليم مصر فيتشعب خلف الفسطاط، فنهر يفيض بالإسكندرية ونهر بدمياط. وذكر الجيهاني انه يخرج من جبل القمر ثم ينصب في بحيرتين خلف خط الاستواء ويطيف بأرض النوبة. وقال غيره لا يعرف له أول ولا يدري أحد من أين يقبل. وحدثنا أبو الحسن الخليل بن الحسن السرخسي بنيسابور. قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد القنطري. قال: حدثنا المأمون بن احمد السلمي. قال: حدثنا محمد بن خلف. قال: اخبرنا أبو صالح كاتب الليث بن سعد عن الليث. قال: ذكروا والله اعلم إنه كان رجل من بني العيص يقال له حائذ بن أبي شالوم بن العيص وإنه خرج هارباً من ملك من ملوكهم حتى دخل ارض مصر فأقام بها سنين، فلما رأى عجائب نيلها وما يأتي به جعل الله على نفسه أن لا يفارق ساحلها حتى يبلغ منتهاه من حيث يخرج أو يموت قبل ذلك فسار حتى انتهى إلى بحر اخضر فنظر إلى النيل يشق البحر قال المقدسي هذا البحر هو المحيط. قال: فصعد على البحر فإذا هو برجل قائم يصلي تحت شجرة تفاح فلما رآه استأنس إليه وسلم عليه. فسأله من أنت. قال: حائذ بن أبي شالوم بن العيص بن إسحاق صلعم. فمن أنت. قال: أنا عمران بن العيص بن إسحاق عم. قال: فما الذي جاء بك يا عمران. قال: جاء بي الذي جاء بك حتى انتهيت إلى هذا الموضع فأوحى الله تعالى إلى أن قف في هذا الموضع حتى يأتيك أمري. قال: فقال له يا عمران اخبرني عن النيل. فقال: لست بمخبرك دون أن تفعل ما أسألك. قال: وما ذاك. قال: إذا رجعت إلي وأنا حي أقمت عندي حتى يوحي الله إلي بأمر أو يتوفاني فتدفنني. قال: ذاك لك. قال: له سر كما أنت على هذا البحر فإنك ستأتي دابة مقاربة للشمس إذا طلعت اهوت إليها لتبتلعها فلا يهولنك آمرها فاركبها فإنها تذهب بك إلى جانب البحر، فسر عليه راجعاً حتى تنتهي إلى النيل، فسر عليه فإنك ستبلغ أرضاً من حديد جبالها وشجرها وسهولها من ارض ذهب، إلى أن تنتهي وإذا بقبة من ذهب فيها ينتهي إليك علم النيل. فسار حتى بلغ القبة فإذا ماء ينحدر من السور إلى القبة ثم يفترق في الأبواب الأربعة. فأما ثلاثة فتغيض في الأرض وأما واحد فيشق على وجه الأرض وهو النيل. فشرب منه واستراح أهوى إلى السور ليصعد فأتاه ملك، فقال له: يا حائذ قف مكانك فقد انتهى إليك علم النيل، وهذه الجنة وذكر الحديث بطوله.
وأما جيحون فإن ابتداءه من بلاد وخان يمد إلى الختل ثم يتسع ويعظم ويقع إليه ستة انهار: نهر هلبك ثم نهر بربان ثم نهر فارغر ثم نهر انديجاراغ ثم نهر وخشاب وهو اعمقهن ثم يلقاه نهر القواديان ثم انهار الصغانيان كل ذلك من جانب هيطل ينحدر متبحرا إلى خوارزم فيقر في بحيرة مرة وقد سقى عدة من المدن مع مدن خوارزم كلها شرقاً وغرباً.
وأما نهر الشاش فإنه يخرج عن يمين بلد الترك ويمد إلى بحيرة خوارزم أيضاً وهو يقارب جيحون في العظم إلا أنه شبه الميت.
وأما سيحان وجيحان وبردان فأنهن. انهار طرسوس وأذنة والمصيصة، يخرجن من بلد الروم ثم يفضن في البحر. وكذاك سائر انهار الشام آلا نهر بردى والأردن فإنهما يفيضان في البحيرة المقلوبة. وبردى يتفجر من جبال فوق دمشق، ويشق القصبة ويسعي الكورة ثم ينقسم فضلته فبعض يتبحر في اقصى الكورة وبعض ينحدر إلى الاردن.
وأما نهر مهران فإنه يخرج من الهند ثم يفيض في بحر الصين بعد ما يلقاه عدة انهار في الأقاليم وطعم مائه ولونه وزيادته وكون التماسيح فيه كالنيل.
وأما نهر الرس والملك والكر فأنهن يخرجن من بلاد الروم فيسقين إقليم الرحاب ثم يفضن في بحيرة الخزر.
وأما انهار الاهواز فإنها عدة انهار تنحدر على الإقليم من الجبال ثم تجتمع بحصن مهدي وتفيض في بحر الصين عند عبادان. ووجدت في كتاب بالبصرة أربعة انهار من الجنة في الدنيا: النيل وجيحون والفرات والرس. وأربعة من انهار النار: الزبداني والكر وسنجة والسم